ما أجمل تلك القصة التي نرويها لاطفالنا قبل النوم، لترسخ في عقولهم فكرة وهدفا ساميا، لتعلمهم شيء وفكرة جديدة دون الزامهم بتنفيذها، لتترسب في عقلهم الباطن ليحاولوا تحقيقها إنها حقا شيء هام ومفيد أن تقص على مسامع طفلك حكاية مفيدة لها هدف وغرض قبل أن ينام ليحلم بها في نومه ويحاول تحقيقها.
قصة إسحاق عليه السلام
في يومٍ كان إبراهيم -عليه السلام- جالسًا في خيمته، ومرّ به ثلاثة من الرجال الأغراب الذين لم يعرفهم، وكعادة نبي الله في إكرام الضيف واستقباله أفضل استقبال، جهّز للرجال الثلاثة طعامًا، وكان هذا الطعام عبارة عن عجل لكنّهم لم يمدّوا يدهم إلى الطعام أبدًا.
شعر النبي إبراهيم -عليه السلام- بالخوف منهم، لكنّهم طمأنوه وقالوا له بأنّهم ملائكة قادمون إليه من السماء، أرسلهم الله تعالى إلى قوم لوط لإنزال العقاب الشديد بهم نتيجة كفرهم وفعلهم للفاحشة.
كانت السيدة سارة زوجة إبراهيم -عليه السلام- تستمع إلى الحديث وهي بباب الخيمة، وكانت تُنصت إلى الضيوف، فسمعتهم يُبشّرون إبراهيم عليه السلام بأنّ الله سيرزقه من زوجته سارة طفلًا.
عندما سمعت سارة حديث الملائكة استغربت كثيرًا وضحكت لأنّها كانت قد تقدّمت في العمر كثيرًا وأصبحت امرأة عجوزًا، وكذلك إبراهيم -عليه السلام-، كما فرحت لهلاك قوم لوط، لكن الملائكة أخبروها ألّا تستغرب لأن هذا أمر الله تعالى وبشرى منه وأخبروها أنّها ستلدُ إسحاق ومن بعد إسحاق يعقوب -عليهما السلام-وكلاهما نبيّان.
بعد هذا ذهب الملائكة إلى تنفيذ أمر الله تعالى في قوم لوط، وظلّت سارة تنتظر تحقيق بشرى الله تعالى لها بفارغ الصبر وبسعادة كبيرة.
ولدت سارة النبي إسحاق -عليه السلام-، وكانت فرحتها وفرحة النبي إبراهيم -عليه السلام- كبيرة جدًا، إذ إن ولادة إسحاق عوضته عن غياب إبنه إسماعيل.
اهتمّ إبراهيم -عليه السلام- بابنه إسحاق اهتمامًا شديدًا ومنحه كلّ الحب والرعاية، وكذلك فعلت سارة، خصوصًا أن النبي إسحاق -عليه السلام- جاء بعد انتظار طويل.
كبر النبي إسحاق -عليه السلام- وترعرع في بيت النبوّة وهو ينهل الأدب والعلم والمعرفة والحكمة من أبيه إبراهيم -عليهما السلام-، وكان يأخذ عنه الوصايا والأخلاق الحميدة، فحظي بتربية صالحة ونشا نشأة الأنبياء الصالحين ليكون نبيًا جديرًا بالنبوّة بعد أبيه.
بعد موت إبراهيم -عليه السلام-، استلم النبي إسحاق -عليه السلام- الرسالة منه، وظلّ يبلغ رسالة التوحيد لله تعالى دون كلل أو ملل، وتزوج وأنجبت له امرأته ولدان توأمان هما: العيص الذي كان الأكبر، ويعقوب -عليه السلام- وهو الإبن الأصغر.
بقي العيص يخدم أباه النبي إسحاق -عليه السلام- حتى وفاته، أما النبي يعقوب -عليه السلام- فقد عاش مدّة عند خاله لابان ثم جمعه الله بأبيه إسحاق -عليهم السلام جميعًا.