ما أجمل تلك القصة التي نرويها لاطفالنا قبل النوم، لترسخ في عقولهم فكرة وهدفا ساميا، لتعلمهم شيء وفكرة جديدة دون الزامهم بتنفيذها، لتترسب في عقلهم الباطن ليحاولوا تحقيقها إنها حقا شيء هام ومفيد أن تقص على مسامع طفلك حكاية مفيدة لها هدف وغرض قبل أن ينام ليحلم بها في نومه ويحاول تحقيقها.
قصة الفيل قنديل
هبت الريح عاصفة، وأمطرت السماء بغزارة، فتكسرت جذوع الأشجار، وتهدمت بيوت الحيوانات، وتبعثر طعامها، وجلست الأفيال الثلاثة: الفيل قنديل والفيل عنتيل والفيل زنجبيل ينظرون إلى بيتهم المحطم نظرة ألم وحسرة، وما لبث الفيل زنجبيل أن انخرط في البكاء، وهنا أقبل عليه أخوه الأكبر قندیل وربت علیه بخرطومه وقال: لماذا تبكي با فيل زنجبيل؟
- ألا ترى ما نحن فيه؟
لقد فقدنا بيتنا ومأوانا، ماذا سنفعل في البرد والحر والمطر؟ لقد صارت الحياة غير محتملة بعد الآن.
- حقا یا فیل زنجبيل إن الحدث أليم، ولكن دعني أسألك سؤالاً: من الذي بنى هذا البيت الذي تهدم؟
- نحن بعون الله الذين بنيناه.
- فنحن إذن نستطيع بناء بيت جديد لنا مرة أخرى.
انفرجت أسارير الفيل زنجبيل وذهبت علامات الجزع والحزن من وجهه وقال: حقا، ولكننا سوف نبذل جهدا كبيرا.
- أيها الفيل الصغير: وهل تحلو الحياة إلا بالكد والتعب وبذل الجهد وانتظار الحصاد.
وهنا قال الفيل زنجبيل - وقد حلت على وجهه الابتسامة ومعها علامات الثقة: إذن فلنبدأ العمل.
اجتمعت الأفيال الثلاثة لوضع خطة العمل وتقسيم المهام، فقال الفيل قنديل: يجب أولا أن نحدد ما هي المواد اللازمة للبناء.
قال الفيل عنتيل: نريد عددا كبيرا من الأحجار لبناء الجدران، وسوف أتكفل بإحضارها.
وقال الفيل قنديل: ونريد خشب الأشجار لعمل الأعمدة والسقف وسوف أتكفل بجلبها من الغابة. ثم التفت إلى الفيل زنجبيل وقال: وماذا عنك يا زنجبيل؟ ماذا ستفعل؟
- لا أعلم.
- عليك بإحضار الماء والطين.
- سوف أفعل إن شاء الله.
انصرفت الأفيال الثلاثة لأداء المهمات المكلفين بها، فذهب الفيل قندیل إلى الغابة حيث يقوم العمال بقطع الأشجار وتجهيزها ونقلها، ثم تقدم إلى رئيس العمال وقال: السلام علیکم یا رئيس العمال.
- وعلیکم السلام، مرحبا بك أيها الفيل المهذب، ماذا تريد؟
- أولا أعرفك بنفسي، أنا الفيل قنديل، ثم روى له قصة البيت وأنه في مهمة لجمع خشب الأشجار اللازم للبناء.
- وماذا سوف تدفع مقابل إعطائك الخشب؟
- ليس لدي مال ولكني سوف أشارك معكم في العمل، ويكون أجري هو الخشب اللازم لبناء البيت.
- اتفقنا.
ظل الفيل قنديل يعمل بجد ونشاط حتى وفى ما عليه، فأعطاه رئیس العمال الخشب اللازم لبناء البيت ونقله له بسرعة كبيرة إلى مكان بناء البيت، وودعه متمنيا له التوفيق.
أما الفيل عنتيل فقد ذهب إلى المحجر (حيث صناعة الحجارة) وأخبرهم بقصة البيت المتهدم، وعزمه وإخوانه الفيلة على بناء بيتهم الجديد، وعرض عليهم العمل معهم على أن يكون أجره هو الحجارة اللازمة لبناء البيت فوافقوا.
وهكذا فعل الفيل عنتيل كما فعل أخوه الفيل قنديل وأنجز ما كلف به من إحضار الحجارة، ولما عاد الفيلان إلى مكان البيت وجدا الفيل زنجبيل لم يترك مكانه ولم يتحرك لإنجاز ما كلف به من إحضار الماء والطين.
قال له الفيل قنديل: لماذا لم تحضر الماء والطين كما اتفقنا یا فیل زنجبيل؟
- حالا أحضره.
خرج الفيل زنجبیل وغاب فترة قصيرة ثم عاد بعربة مليئة بالماء والطين، وقال لهما: ها أنا قد أحضرت ما طلبتم مني، هيا بنا نبدأ البناء.
نظر الفيل عنتيل إلى أخيه بدهشة وسأله: كيف أحضرت الماء والطين بهذه السرعة یا فیل زنجبيل؟
- لقد ذهبت إلى التاجر وطلبت منه أن يعطيني الماء والطين، فلما طلب مني الثمن هددته بخرطومي، فخاف مني وأعطاني الأسمنت، فسحبت العربة بسرعة وأحضرتها إلى هنا.
وهنا غضب الفيلان غضبا شديدا وقالا لزنجبيل: أيها اللص أتسرق أموال الناس، كي نبني لنا بيتا؟
كيف نعيش في بيت بنیناه بماء وطين مسروق؟
فقال زنجبيل مدافعا عن نفسه: إننا في أزمة، ويجب أن تخرج منها، فقال الفيل قنديل: إن الأزمات لا تبيح السرقات يا فیل زنجبيل،ثم أخذ الفيلة جميعهم الماء والطين وعادوا إلى التاجر واعتذروا له عن خطأ الفيل زنجبيل.
قبل التاجر اعتذارهم وتنازل عن نصف الثمن على أن يعمل الفيل زنجبيل عنده مقابل النصف الآخر، وبالفعل قام الفيل زنجبيل بالعمل عند التاجر حتی رضي الرجل، وهكذا تم بناء البيت واحتفل الفيلة ببناء بيتهم الجديد ومرت الأزمة بسلام.