ما أجمل تلك القصة التي نرويها لاطفالنا قبل النوم، لترسخ في عقولهم فكرة وهدفا ساميا، لتعلمهم شيء وفكرة جديدة دون الزامهم بتنفيذها، لتترسب في عقلهم الباطن ليحاولوا تحقيقها إنها حقا شيء هام ومفيد أن تقص على مسامع طفلك حكاية مفيدة لها هدف وغرض قبل أن ينام ليحلم بها في نومه ويحاول تحقيقها.
قصة الأصدقاء الثلاثة
القرد والكلب والخرتيت أصدقاء تعارفوا منذ الصغر، يلعبون سوياً ويمرحون، يتشاركون طعامهم سوياً، فالقرد يحضر الموز والفول السوداني، ويحضر الكلب العظم، ويحضر الخرتيت الحشيش والعشب ويجلسون يأكلون، يتحابون فيما بينهم ويساعدون بعضهم، إذا وجد القرد قطعة عظم في أرض الغابة أسرع بها إلى صديقه الكلب، وإذا مر الكلب بجانب شجر الموز لم يضيع الفرصة ويصعد ليجمع بعض الموز ليقدمه هدية لصديقه، وإذا أصاب التعب الخرتيت جمع له صديقاه الحشيش من أرض الغابة وساعداه لكي يأكل ما يريد.
وفي يوم تواعد الاصدقاء الثلاثة، وبعد أن أكلوا طعامهم بدأوا لعبهم الممتع كالعادة… وبعض فترة لعب جلس الثلاثة يستريحون على العشب الأخضر… وبينما الحديث الشيق يأخذ مجراه والود والحب بينهم يزيد، ظهر الأسد من وراه الشجر يتربص بالأصدقاء الثلاثة، يريد أن يظفر بأحدهم فريسة يسد بها جوعه الشديد.
صاح القرد: الاسد الأسد.
شل الرعب حركتهم وتفكيرهم، ثم ما لبث القرد أن قفز إلى الشجر، أما الكلب فقد أسرع بالجري حتى ابتعد عن المكان.
حينئذٍ تذكر الصديقان أن صديقهما الخرتيت بطيء الحركة وأن حياته مهددة بالخطر.
وقف القرد فوق الشجرة ينظر إلى صديقه الخرتيت وقد أحاط به خطر الموت، أما الكلب فبعد أن ابتعد وقف والتفت إلى الخلف، فإذا به من بعد يرى صديقه الخرتيت وقد وقف وحده وجهاً لوجه أمام الأسد.
هم القرد بالقفز من على الشجرة للدفاع عن صديقه ولكنه قال لنفسه: أي شيء سأفعله، إن نزلت إلى ساحة المعركة أمام الأسد، إن الأسد سوف يلتهمني في لمح البصر، ثم لن يكتفي بلحمي وسوف يميل على الخرتيت فقتله أيضاً، فالخرتيت مقتول لا محالة، إذن لا حاجة للنزول حتى تقل الخسائر.
اقترب الأسد أكثر من الخرتيت ولعابه يسيل، واخذ يدور حوله بينما أخذ الخرتيت وضع الاستعداد للقتال للدفاع عن نفسه.
فرح القرد بشجاعة الخرتيت، وتمنى أن لو خاف الأسد أو تراجع أمام استعداد الخرتيت للقتال، وبدء يشعر بالراحة، ولكن الأسد لم يتراجع، ولمعت عيناه أكثر وزاد زئيره منذراً باقتراب لحظات الهجوم وقتل الخرتيت.
تخيل القرد منظر الخرتيت مقتولاً والأسد ينهش لحمه، مما جعله ينتفض وينزع فرعاً من الشجرة التي يقف فوقها ويلقي به في اتجاه الاسد. ولكن الأسد لم يلتفت إليه، وظل يدور حول الخرتيت ويقترب أكثر منه.
حينئذٍ تسمر القرد في مكانه، وشعر الخرتيت بخوف أكثر، واقتربت مقاومته من الانهيار، فنظر إلى أعلى للقرد والتقت عيناهما… شعر القرد أن هذه نظرة وداع من صديقه الخرتيت، وإنه لن يرى الخرتيت بعد ذلك إلى وهو أشلاء قد بقيت من الأسد.
قال القرد لنفسه: هل أستطيع أن أرى صديقي وهو يقتل ويؤكل ولا يبقى من جسده إلى قطع متناثرة من اللحم؟ وهل للحياة معنى بعد ذلك؟
بدء القرد يشعر أن أسنان الأسد التي سوف تغرس في جسد الخرتيت كأنها سوف تغرس في قلبه، شعر أن الاسد سوف يأكل قلبه في الوقت الذي سوف يأكل فيه الخرتيت، وهنا قرر القرد أن يقفز ويدافع عن صديقه وليكن ما يكون.
قفز القرد إلى الأرض وأخذ يشاغل الأسد، استفز نزوله الأسد فأتجه نحوه ليمسك به… وبعد قليل جاء الكلب أيضاً يجري أمام الأسد.
انشغل الأسد بمطاردة القرد والكلب عن الهجوم على الخرتيت.
هرب الخرتيت بينما صعد القرد مسرعاً فوق الشجرة مرة أخرى، وانطلق الكلب بسرعة بين الشجر.
لم يستطع الأسد الإمساك بأي منهم فأنصرف غاضباً يبحث عن صيد أخر… بينما التقى الأصدقاء الثلاثة خلف الوادي، وتعانقوا في موقف اختلطت فيه الضحكات بالدموع.
قال الخرتيت لصديقيه: لقد عرضتم أنفسكما للخطر من أجلي، فقال القرد والكلب في صوت واحد:
وهل يعرف الصديق إلى في وقت الشدة ا الضيق؟؟؟