recent
أخبار ساخنة

قصص أطفال - قصة أصحاب الفيل للأطفال

قصة أصحاب الفيل للأطفال

ما أجمل تلك القصة التي نرويها لاطفالنا قبل النوم، لترسخ في عقولهم فكرة وهدفا ساميا، لتعلمهم شيء وفكرة جديدة دون الزامهم بتنفيذها، لتترسب في عقلهم الباطن ليحاولوا تحقيقها إنها حقا شيء هام ومفيد أن تقص على مسامع طفلك حكاية مفيدة لها هدف وغرض قبل أن ينام ليحلم بها في نومه ويحاول تحقيقها.

قصة أصحاب الفيل


كان لبلاد الحبشةِ ملكاً قويّاً قد امتدّ ملكهُ واستولى على أرض اليمن، وأوكلها حاكماً من الأحباش يُدعى “أبرهة الأشرم”. حكم ذلك الرجلُ اليمن بالقوة مستعيناً بجيشه القوي.

مرّت الأيّام واقترب موسم الحج، فخر ج كثيرٌ من عرب اليمن قاصدين بيت الله الحرام في مكة، ولاحظ أبرهة خروج عددٍ كبيرٍ من الناس في قوافل كثيرة، فسأل عن ذلك، فقالوا له : “لدى العربِ بيتاً يأتونه ويحجون إليه كل عام، وهو في مكة”.

فكّر أبرهة قليلاً وخطرت بباله فكرة وعزم على تنفيذها ليصرف العرب عن الحج لذلك المكان، فقد عزم على بناء كنيسةٍ كبيرة لم يسبق لها مثيل وفيها من الزخارف والفن ما فيها، واستشار أبرهة المقرّبين منه وبالفعل وافقوه على ذلك.

وشرع أبرهة بجمع أمهر المهندسين والمعماريين آنذاك، وبدأ البناء وبعد سنواتٍ قليلة انتهى من بناء تلك الكنيسة، فقد كانت بناءً قويّاً وجميلاً، وأطلق أبرهة عليه اسم ” القُليس” وكان هذا البناء قد كلّف أبرهة الكثير من المال، وأرسل إلى ملك الحبشة يُخبره بذلك البناء.

وأمر على الفور جنودهُ أن يدعوا العرب للحج إلى كنيسته بدلاً من عناء السفر إلى مكة. وما أن وصل الخبر للعرب حتّى استهزئوا بأبرهة وبكنيسته، فكيف لهم ترك بيت أبيهم ابراهيم ليحجوا لكنيسة أبرهة ! ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحد، بل قيل إن أحدهم دخل الى “القليس” خفيةً وأحدث فيه، ولطّخهُ بالنّجاسة، فلما وصل الخبرُ لأبرهة ثارت ثورته وعزم على هدم الكعبة.

وأخيراً أصدر أبرهة الأوامر للجيش بالتقدّم لمكة، وأمر قادة الجيش بتجهيز الفيلة الضخمة والخيول والجمال كذلك، فكان الفيل هو سر قوة جيش أبرهة، فكان حيواناً ضخماً يركبهُ أكثر من جندي ويُقاتلون من فوقه بكفاءة وثبات.

تقدّم أبرهة الجيش وأمرهم بالتّقدم، وأثناء سيرهم الطويل من اليمن إلى مكة، كان الجيش كُلّما مرّ على قبيلةٍ عربية نهبوها وأخذوا أموالها وأغنامها وجمالها لتُعينهم في رحلتهم الطويلة لمكة.

خلال عمليات السطو الكثيرة خلال رحلة الجيش الحبشي من اليمن إلى مكة، علمت بعض القبائل التي كانت في طريق هذا الجيش بما يفعلونه فأخذت حذرها وتركت أماكنها لحين مرور الجيش، غير القبائل التي ساعدوا أبرهة وجيشه من أجل اتّقاء شرّه.

وما أن اقترب أبرهة وجيشه من مكة حتّى غاروا على الإبل التي كانت بين الشعاب والجبال وأخذوها معهم إلى معسكرهم بالقرب من مكة.. علم أهلُ مكة بالذي يجرب، فأخذوا أنفسهم يتشاورون فيما بينهم ماذا يفعلون ؟

ولكن أهلُ مكة ليسوا بالعُدّة والقوة مثل جيش الأحباش، فكانوا عاجزين تماماً عن مقاومة هذا الجيش، حتّى أنّهم ليسوا على التدريب الكافي بالاضافة لعددهم القليل مقارنةً بجيش أبرهة، غير الفيلة التي دبّت الرعب في نفوسهم..

ولكن كُلّ ما كان العرب يؤمنون به هو أن تلك الكعبة بناء مقدّس وله حرمةٌ عظيمة، وأن الله ربّ البيت سيتدخّل في الوقت المناسب.

وما أن وصل أبرهةُ الحبشي مكة حتّى أرسل لكبير مكّة “عبد المطلب بن هاشم” يدعوهُ للقائه، فجاءه عبد المطلب وكان رجلاً مهيباً لهُ هيبة ووقار، وما أن رآهُ أبرهة حتّى نزل عن عرشه واستقبلهُ استقبالاً يليقُ به وأجلسهُ بجوارهِ قائلاً له : “ما حاجتُك ؟!”.

فقال “عبد المطلب” : “لك جُنــدٌ قد سرقوا منّي مائتي بعير ! وأريدك أيّها الملك أن تردّها علي” فقال أبرهةُ له : “أما إنّي قد عظّمتُك حين دخلت علي، وأمّا الآن فقد زهدت فيك”.

فقال “عبد المطلب” : “ولم أيّها الملك ؟!” فأجابهُ أبرهة : “لقد جئتُكم لأهدم كعبتكم التي هي دينكم ودين آبائكم، وأنت هنا لتُكلّمني في المائتي بعير”.

فقال عبد المطلب : “أمّا الإبل أيها الملك فأنا ربُّها (أي صاحبها) وأمّا البيت فلهُ ربٌّ يحميه” وأمر أبرهة أن تعود الإبلُ لعبد المطلب، فأخذها وعاد بها لمكة.

وما أن عاد “عبد المطلب” لمكة، حتّى أمر أهلها أن يتفرّقوا في الشعاب والجبال لئلا يُصاب أحدٌ بأذى، ثم وقف عبد المطلب أمام باب الكعبة وأمسك بحلقاته وهو يدعوا ويقول : “اللهم إنّا نمنع رحلنا فامنع حلالك، فلا يغلبن صليبهم غداً حلالك إن تاركهم وقبلتنا”.

وفي الصباح الباكر استعدّ أبرهةُ وجيشه وقدموا لمكة ليهدموا الكعبة، وما أن أصبحت الكعبة أمامهم مباشرةً، إذا بالفيل الكبير قد برك على الأرض، وكانت باقي الفيلة تسيرُ خلفهُ فهو كبيرهم، فحاول الجنود جاهدين مع هذا الفيل إنهاضهُ وتوجيهه ناحية الكعبة لكنّه يأبى، وما أن يوجّهوه ناحية اليمن يقومُ ويهرول.

وبينما الجنود منشغلون بذلك الفيل، إذ بجنود الله قد وصلوا أرض المعركة، نعم.. أرسل الله على هذا الجيش أسراباً من الطيور الأبابيل، يحمل كل طائرٍ في قدميه حجارةً من سجيل (وادي في جهنم) ملتهبة كالجمر، ما أن يُلقيها الطائر على جندي حتّى يقع على الأرض ميتاً.

فلما لاحظ الجنود ما يحدث ولّوا هاربين من مكة كلها، ولكن ظلّت الطيور تُلاحقهم حتّى قتلوا منهم عدداً كبيراً، وأصيب “أبرهة” إصابة بليغة، فحملهُ الجنود على دآبة والألم يشتد، وما أن وصلوا به “صنعاء” حتّى مات.

وعاد القرشيين وأهل مكة والعرب جميعاً يطوفون ببيت الله من جديد، مستشعرين عظمة ذلك البيت بعد تلك الحادثة، وبعد أن أهلك الله عدوهم وحمى كعبتهم، واتّخذ العربُ من ذلك العام “عام الفيل” عاماً تاريخياً، لما حدث فيه من عجائب لم يُشاهد مثلها العرب من قبل.

ولكن حدث في ذلك العام ما هو أعظم مما قرأنا قبل قليل، فقد ولد في ذلك العام أيضاً من غيّر العالم كُلّه، وجاء بما لم يأت به بشرٌ من قبل، نعم، إنّهُ سيدنا “محمد” صلى الله عليه وسلم.
google-playkhamsatmostaqltradent