فاطمة بنت الشيخ المؤذن إبراهيم السيد البلتاجي وتعرف أيضاً بعدة ألقاب أبرزها أم كلثوم ومنها: ثومة، الجامعة العربية، الست، سيدة الغناء العربي، شمس الأصيل، صاحبة العصمة، كوكب الشرق، قيثارة الشرق، فنانة الشعب. هي مغنية وممثلة مصرية، ولدت في محافظة الدقهلية بالخديوية المصرية في 31 ديسمبر 1898م أو رسميًا حسب السجلات المدنية في 4 مايو 1908م، وتوفيت في القاهرة بعد معاناة مع المرض في 3 فبراير 1975م. وتعد أم كلثوم من أبرز مغني القرن العشرين الميلادي، وبدأت مشوارها الفني في سن الطفولة، اشتهرت في مصر وفي عموم الوطن العربي.
ولدت فاطمة لأسرة متواضعة في قرية ريفية تسمى طماي الزهايرة، في مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية، الخديوية المصرية، كان والدها الشيخ إبراهيم إمام ومؤذن لمسجد في القرية، ووالدتها فاطمة المليجي تعمل كربة منزل. تضاربت مصادر تاريخ ميلادها الدقيق، فبعض المصادر تشير إلى أن تاريخ ميلادها يعود لتاريخ 30 ديسمبر 1898م، ومصادر أخرى ترجح أن ميلادها يرجع لتاريخ 4 مايو 1908م وهو المذكور في سجل مواليد المحافظة. عاشت العائلة في مسكن صغير مُشيد من طوب طيني. وكانت حالة الدخل المادي للأسرة منخفضة، حيث إن المصدر الرئيس للدخل هو أبيها الذي يعمل كمُنشد في حفلات الزواج للقرية.
وبالرغم من الحالة المادية الصعبة للأسرة إلا أن والديها قاما بإلحاقها بكتاب القرية لتتعلم وتعلمت الغناء من والدها في سن صغيرة، فبرزت موهبتها المميزة، وعلمها أيضاً تلاوة القرآن، وذكرت أنها قد حفظته عن ظهر قلب. وذات مرة سمعت أباها يُعلم أخيها خالد الغناء، حيث كان يصطحبه ليغني معه في الاحتفالات، فعندما سمع ما تعلمته انبهر من قوة نبرتها، فطلب منها أن تنضم معه لدروس الغناء، وبدأت الغناء بسن الثانية عشر وذلك بعدما كان يصطحبها والدها إلى الحفلات لتغني معه وكانت تغني وهي تلبس العقال وملابس الأولاد. وبعدما سمعها القاضي علي بك أبو حسين قال لوالدها: لديك كنز لا تعرف قدره... يكمن في حنجرة ابنتك، وأوصاه بالاعتناء بها.
بدأ صيت أم كلثوم يذيع منذ صغرها، حين كان عملها مجرد مصدر دخل إضافي للأسرة، لكنها تجاوزت أحلام الأب حين تحولت إلى المصدر الرئيس لدخل الأسرة، أدرك الأب ذلك عندما أصبح الشيخ خالد ابنه المنشد وعندما أصبح الأب ذاته في بطانة ابنته الصغيرة. وفي ذات مرة تصادف أن كان أبو العلا معها في القطار وسمعها تردد ألحانه دون أن تعرف أنه معها في القطار، وذلك بعد عام 1916م حيث تعرف والدها على الشيخين زكريا أحمد وأبو العلا محمد الذين أتيا إلى السنبلاوين لإحياء ليالي رمضان وبكثير من الإلحاح أقنعا الأب بالانتقال إلى القاهرة ومعه أم كلثوم وذلك في عام 1922م. كانت تلك الخطوة الأولى في مشوارها الفني. حينها أحيت ليلة الإسراء والمعراج بقصر عز الدين يكن باشا وأعطتها سيدة القصر خاتما ذهبيا وتلقت أم كلثوم 3 جنيهات أجراً لها.
عادت إلى القاهرة لكي تستقر نهائياً في عام 1921م. وكانت تغني في مسرح البوسفور في ميدان رمسيس بدون فرقة موسيقية. وغنت على مسرح حديقة الأزيكية واشتهرت بقصيدة وحقك أنت المنى والطلب وتعد هذه أول إسطوانة لها صدرت في منتصف العشرينيات وبيع منها ثمانية عشر ألف إسطوانة. وتعلمت أم كلثوم لاحقاً من أمين المهدي أصول الموسيقى، وكذلك تعلمت عزف العود على يدي أمين المهدي ومحمود رحمي ومحمد القصبحي.
في عام 1923م غنت في حفلات كبار القوم، كما غنت في حفل حضرته كبار مطربات عصرها وعلى رأسهم منيرة المهدية شخصياً والتي كانت تلقب بسلطانة الطرب، والتقت في نفس العام بالموسيقار محمد عبدالوهاب لأول مرة بحفلة أقيمت في منزل والد أبي بكر خيرت.
في عام 1924م تعرفت إلى أحمد رامي عن طريق أبو العلا، في إحدى الحفلات التي أدت أم كلثوم فيها أغنية الصب تفضحه عيونه كان أحمد رامي حاضراً بعد أن عاد من أوروبا، فأدرك أنه قد وجد هدفه. غير أن البداية الحقيقية كانت عندما سمعها محمد القصبجي الملحن المجدد وقتها. في نفس العام 1924م، تعرفت أم كلثوم إلى طبيب أسنان يهوى الموسيقى هو أحمد صبري النجريدي أول ملحن يلحن لأم كلثوم ألحانا خاصة بها، إلا أن ألحانه اعتمدت على الزخارف الموسيقية بشكل مبالغ به مما دفع أم كلثوم إلى إنهاء التعاون معه مبكراً.
بدأ محمد القصبجي في إعداد أم كلثوم فنيا ومعنويا مشكلًا لها فرقتها الخاصة، وأول تخت موسيقي يكون بديلا لبطانة المعممين التي كانت معها دائما، عندما شنت روز اليوسف والمسرح هجوما صاعقا على بطانتها. لعل هذا ما جعل أباها يتخلى عن دوره كمنشد وينسحب هو والشيخ خالد. بعد ذلك بعام تقريبا خلعت أم كلثوم العقال والعباءة وظهرت في زي الآنسات المصريات، وذلك بعد أن توفى الشيخ (أبو العلا محمد) الذي ترك فيها تأثيرا روحيا عظيما وكان مرشدها في عالم الطرب.
كان شائعًا في أوائل القرن العشرين أن يقدم المطربون قصائد بعينها بصرف النظر عن تفرد أحدهم بها، وكانت المباراة بين المطربين تكمن في كيفية أداء نفس القصيدة. وهكذا أدت أم كلثوم قصيدة (أراك عصي الدمع) مرة من ألحان السنباطي، ومرة أخرى من ألحان عبده الحامولي عام 1926.
في عام 1928 تغني مونولوج (إن كنت أسامح وأنسى الآسية)، لتحقق الأسطوانة أعلى مبيعات وقتها على الإطلاق ويدوي اسم أم كلثوم بقوة في الساحة الغنائية، وهو نفس العام الذي لحنت فيه أم كلثوم أغنية (على عيني الهجر) بنفسها لنفسها!..
وفي 31 مايو 1934م بعد افتتاح الإذاعة المصرية كانت أم كلثوم أول من غنى فيها.
في عام 1935 غنت ام كلثوم (علي بلد المحبوب وديني) من ألحان ملحن شاب رياض السنباطي، وقد ظل السنباطي يلحن لأم كلثوم ما يقرب من 40 عاما، ويكاد يكون هو ملحنها الوحيد في فترة الخمسينات، بعدها بعام لحنت أغنية (يارتني كنت النسيم) في ثاني وآخر تجربة لها وكانت تجربتها الأولي أغنية (على عيني الهجر) عام 1928.
في عام 1943م أسست أول نقابة للموسيقيين برئاستها وظلت بمنصبها مدة عشر سنوات.
في عام 1946 غنت 3 قصائد من ألحان السنباطي وكلمات أحمد شوقي، غنت (سلوا قلبي) التي أخذت بعدا سياسيا في أبياتها التي تقول
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
كان ذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ونكوص الإمبراطورية البريطانية عن وعدها بمنح مصر الاستقلال التام، وغنت قصيدة (ولد الهدي)، ويصل طلب من القصر بتغيير كلمة "الاشتراكيون" في البيت الذي يقول:
الاشتراكيون أنت إمامهم لولا دعاوي القومُ والغلواءُ
كان هذا في عصر بروز التيار اليساري الذي لم يكن يتماشي مع اتجاهات القصر ولا رغبات الملك، إلا أنها أصرت علي عدم تغيير أي كلمة، وغنت أيضا في ذلك العام
أروع ما غنت في المديح النبوي نهج البردة.
في سنة 1966 غنت من الحان رياض السنباطي قصيدة الأطلال من كلمات الشاعر إبراهيم ناجي وكان غناؤها لهذه الأغنية بعد عام واحد من غنائها لاغنية أنت عمري من الحان محمد عبد الوهاب، وكان ذلك بمثابة رد من السنباطي على عمل عبد الوهاب أنت عمري الذي حقق نجاحًا كبيرًا وأثبت السنباطي أيضًا قدرته الفائقة علي تلحين القصائد
التي تكتب بالفصحي وحققت الأطلال نجاحًا قويًا.
من أشهر الاغاني التي غنتها انا وانت ظلمنا الحب -الحب كده-هجرتك يمكن انسى هواك.
عام 1954 خفضت أم كلثوم جدول حفلاتها الموسيقية بسبب المشاكل الصحية التي تعاني منها. ويُذكر أن النظارة السوداء التي كانت ترتديها بشكل مستمر كانت بسبب مرض الغدة الدرقية الذي أدى إلى جحوظ عينيها، حيثُ كان هذا سبباً أيضاً لإيقافها لنشاطها التمثيلي الذي اقتصر على 6 أفلام.
كما أن أم كلثوم قد شاركت بأفلام غنائية وتمثيلة عديدة، واستمرت كممثلة من عام 1935 إلى عام 1948 ومثلت في 6 أفلام.