كان جحا يمتلك بقرة، وفي يوم أراد بيعها، فذهب بها إلى السوق، وراح ينادي عليها: بقرة للبيع بثمن مناسب، لم يوفق جحا في بيع البقرة وقرّر العودة بها إلى البيت، فا قترب منه دلاّل السوق وقال له: اتركها يا جحا أبيعها أنا لك. فلمّا ترك جحا البقرة راح الدّلال ينادي عليها قائلاً: من يشتري بقرة جميلة حلوباً بكراً وحاملاً منذ ستّة أشهر؟
فاجتمع النّاس حول البقرة حين سمعوا هذه المزايا، وراحوا يزيدون عليها استمرّت المزايدة على البقرة، وجحا يراقب ذلك، والدّلاّل يطالب الحاضرين بزيادة الثّمن حتّى يبيعها.. أخيراً باع الدّلاّل البقرة بثمن كبير، فأخذ جحا الثّمن في سرور ودهشة وقد حفظ ماقاله الدّلاّل، فلمّا عاد جحا إلى البيت رأى بعض الخاطبات في بيته حضرن يخطبن ابنته لتصبح عروساً، وكانت زوجة جحا تتناقش معهنّ.. فدخل جحا إليهنّ، فقالت النساء: اخرح يا جحا من بيننا، ودعنا نتناقش في أمر ابنتك فقال لهم جحا: إنّ أمّها لا تعرف شيئاً عن كمال وحسن ابنتهما، سوى أن تقوم على خدمتها، فدعوني أتناقش معكنّ، وأفدكنّ.. فقالوا : تحدّت يا جحا..
قال جحا: وحيث إنّي من أهل التجربة وعالم ببواطن الأمور، وأعرف محاسن ابنتي دعوني أشرح لكنّ ذلك في كلمتين.. فقلن: صف يا جحا محاسن ابنتك.. قال جحا: إنّ ابنتي كاملة العقل، وهي حلوب بكر حامل منذ ستّة شهور.. هيّا من يزيد منكنّ؟ دهشت النساء ممّا قاله جحا، وأسرعن بالخروج من البيت، وانصرفن عن الخطبة، فثارت عليه زوجته وقالت: كيف تقول عن ابنتك هذا الكلام يا جحا؟ هل جننت؟
قال جحا: اسكتي يا جاهلة، لقد قال الدّلاّل ذلك، فبعت البقرة بثمن كبير ما كنت أحلم به، ولولا ما قاله الدّلاّل ما بعت البقرة أبداً.. قالت الزّوجة: لقد هربت الخاطبات ولن يعدن أبداً، لأنّك جعلت من ابنتك بقرة.. قال جحا: يا جاهلة سيعدن مرّة أخرى.. قالت زوجته: وكيف؟ قال جحا: سيبحثن عن بنت بهذه الصّفات في كل البلاد فلن يجدن، وبذلك يرجعن إلينا مرغمات، فنشترط عليهنّ مهراً كبيراً كما فعلت في البقرة.